قاعدة البيانات التسلسلية (Blockchain)

قواعد البيانات التسلسلية ستحول مجرى الاقتصاد بشكل جذري.
رفع الجهالة ركيزة أساسية في تبادل القيم بين الناس، ولا اقصد هنا القيم الأخلاقية، اقصد بالقيم هنا كل شيء يحمل قيمة، كسلعة مثلا أو خدمة تقدم من فرد الى آخر.

في المجتمعات القديمة كان الأمر سهلاً، المجتمعات كانت صغيرة وغير معقدة، فلم يجدون صعوبة في معرفة الأشخاص وتاريخ تعاملهم مع الاخرين، وان جهلوه يسهل عليهم إيجاد معرف مشترك بينهم.

ولكن ان لم يكن هنالك طريقة لرفع الجهالة استحال تبادل القيم (التجارة)، لذلك ابتكر الانسان القوانين والتشريعات والمؤسسات لضبط هذا التبادل، فمثلا اذا اردت ان تشتري قطعة أرض من شخص آخر تذهب الى دائرة الأراضي حتى تيقن أن ملكية الأرض انتقلت اليك، واذا اردت شراء سيارة تذهب الى دائرة السير والمركبات، واذا اردنا ان نتبادل النقود نلجأ الى البنوك.

إذا المؤسسات والبنوك ما هي إلا وسيلة لرفع الجهالة، ليصبح تبادل القيم ممكناً، ويسهل بعدها عن طريق هذه المؤسسات تعريف الأشخاص وفك الخصوم.

عندما انتقلنا الى العالم الافتراضي عبر الانترنت نقلنا هذه المؤسسات معنا، فأصبح هنالك حكومة الكترونية، ومعاملات بنكية الكترونية، لم تختلف مهمة تلك المؤسسات ولكن أصبح التداول أسرع.

ما رأيك ان قلت لك أن هنالك تكنولوجيا جديدة نسبياً تضمن لنا رفع الجهالة دون الحاجة الى جهة مركزية بين المتداولين؟

نعم انها قاعدة البيانات التسلسلية (Blockchain)، باختصار هي سجل لا مركزي يسجل فيه ممتلكات كل شخص وجميع الحركات التي قام بها بتجارته او مبادلته، ويحتفظ جميع الناس بهذا السجل بشكل مشفر وآمن ويصعب اختراقه.

اسمحوا لي أن أقرب الفكرة بمثال، تخيل ان كل انسان على سطح الأرض يمتلك سجل ورقي كبير ويحتفظ به في مكان آمن داخل منزله، وداخل هذا السجل معلومات الأراضي والعقارات ومن يملكها، وإذا باع عادل قطعة أرض الى سمير، يتغير اسم عادل الى سمير في جميع السجلات التي يملكها جميع البشر بشكل سحري.

يظن الكثير ان هذا ضرب من الخيال، ولكن في الحقيقة هذه التكنولوجيا موجودة، هي نفس التكنولوجيا التي يبنى عليها عالم العملات الرقمية مثل البتكوين (Bitcoin) الشهيرة ولكن العملات الرقمية ما هي إلا وجه واحد لاستخدام هذه التكنولوجيا المذهلة.

ولكن هذه التكنولوجيا مازالت بمرحلة الطفولة ولكنها بتطور مستمر، يعمل على تطويرها الحكومات والأفراد بأعداد كثيرة على مستوى العالم، ولن يلبث الأمر طويلاً قبل ان يصبح واقعا ان تتنازل بسيارتك مثلا الى شخص اخر بكبسة زر على هاتفك النقال، دون الحاجة الى أي جهة مركزية أو حكومة.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s